بقلم دكتورة /آمال مطر
تحيط بنا أزمات وتتراكم تبعاتها وآثارها ، ونعايش حوادث وارتباكات شنيعة. وإذا ما تركت المعالجة على النحو القديم أو ظلت مكانها في دائرة مغلقة لا تبرحها.. فإن الأزمات ستعيد إنتاج نفسها بل وسيتراكم مصدر الخلل.. وهل ثمة خطورة أكبر من التراخي فى الإبداع وخلق كل ماهو جديد والأخطر أن تتعطل ملكة التفكير إلى درجة اجترار مقولات تآكلت فاعليتها وتوارت تأثيراتها.
ةيقول المولى عز وجل (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). فالصراع سمة أزلية في الكون، والمدافعة بين البشر جزء من ضرورات الحياة لكي لا تفسد.
ثمة حقيقة تكشفها مسارات التطور البشري العابرة للأزمات والكوراث، التي مرت بها البشرية، إذ تستلهم الفرص من رحم الأزمات.. أي أن ثمة مساراً لابد من عبوره لمن يريد النجاة، ناهيك عن تمكين فرص جديدة للحياة.
ففي علوم الطبيعة، تعجز بعض النماذج المعرفية عن تفسير ظاهرة ما، طالما بقيت محاولات تفسير تلك الظاهرة ضمن إطار نموذج عاجز، حينها لابد من البحث عن نموذج مختلف يعد أحيانا قفزة نوعية في النظام المعرفي..
ولذا من يريد أن يلتقط الفرصة في خضم هذه الأزمات الموحشة، فعليه أن يتعرف أن ثمة تراثاً لهذه الأمة فيه الحسن وفيه الرديء.. فيه من الخطايا كما فيه من الحسنات ولا عصمة لإمام أو فقيه أو مجتهد مهما علا قدره.. وان التاريخ سلسلة من الارتكاس والنهوض.. وان الظلم لم تخلُ منه مرحلة من مراحل البشرية.
وعليه نحن بحاجة لمشروع إنقاذ للعقول من حالة الارتهان لمقولات واجتهادات وقراءات أصبح كثير منها ايقونات فكرية ترمي خلف ظهرها كل معنى إنساني وقيمي وأخلاقي.
فالقمع الفكري كارثة معطلة لمقدرات الأمم عن الاستجابة لضرورات العصر وفهم مقتضياته.. والارتهان لرؤية وحيدة لن يعزز أكثر من التوقف والجمود.