بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
يمنح النضج الفكري الشخص القدرة على تحمل المسؤولية دون الإعتماد على الآخرين ، ويعي جيدًا ما هو الغرض من تلك الحياة التي نعيشها ، وكيفية الاستقلال في تلك الحياة ، وعدم اللجوء لإتخاذ القرار بمساعدة أي شخص ، بل الإعتماد الكلي على النفس.
نجد أن النضج الفكري له مرحلتين كلا منهما يتعلق بسنوات العمر وهما مرحلة العقل الطفولي ، ومرحلة النضج الفكري ، فإن العقل البشري بطبعه يشهد دور كاملة في الحياة بشكل لا يختلف كثيرًا عن تلك الدورة التي يشهدها الجسم ، إلى أن يصل لأرذل العمر وينتهي بالشيخوخة ، ويموت على الرغم من أن الجسد مازال على قيد الحياة .
حيث أننا نجد الكثير من الأشخاص يعيشون من سنوات العمر الكثير ولكن عقله لم يكتمل بعد ، فمازال تفكيره سطحي بشكلٍ كبير لا يستطيع الحكم على الأمور ويعتمد على الغير ،بما يمثل ما يعرف بالجمود الفكري ، يتسم بالتسرع وعدم الإتزان فهو شخص ساذج إلى أبعد الحدود لديه إهتمامات تافهة يمتلك من سلوكيات البشر أكثرها رعونة وسخافة بشكل سطحي .
على النقيض فإننا نجد بعض الأشخاص من الشباب اللذين لم يعيشوا الكثير من سنوات العمر ، ولكنهم يحملون عقلًا ناضجًا ذهبيًا ، فريد من نوعه يستطيع التعامل مع الأمور بعمق وواقعية ، وبحكمة ليس لها مثيل ، تجده شخص متزن عاقل يسمو بأفكاره مستقل بذاته .
ولكي نصل لتنمية النضوج الفكري توجد طرق كثيرة أهمها مايلي:
*لابد من تحرير الفكر من التفاهات الدنيوية ، حيث أن التنمية الفكرية هي مسؤولية الفرد نحو نفسه ومن الضروري أن يسعى إليها.
*الاستفادة من التجارب الحياتية التي يمر بها الشخص والمحيطين من حوله ، مما يعمل على تنمية المهارات الفكرية لدى الشخص بشكل كبير.
*مواجهة الصعوبات ببراعة وتحدي مع الصمود أمام المواقف الصعبة ، مع الحرص على وضع خطط مستقبلية واضحة الأهداف لتحقيق الأمنيات.
*التعمق في القراءة والإطلاع ، مما يعمل على توسعة المدارك وتنمية الوعي بمعايير وأسس علمية سليمة تساعد على النضوج الفكري .
*التأني في إطلاق الحكم على الآخرين قبل دراسة الأمر بنوع من الحكمة والهدوء والرجوع للأدلة التي تثبت براءته أو العكس .
*الاتزان ما بين العقل والعواطف أمر لا يتحقق سوى بالنضج الفكري .
*اتخاذ القرار الصائب هو أبرز علامات النضج الفكري ، عادة ما يشعر الأشخاص بصعوبة بالغة في إتخاذ القرار السليم في بعض الأمور ، ولكن من يستطيع الوصول لتلك المرحلة فهو ناضجًا فكريًا.
من هنا نجد أننا تعرفنا على النضج الفكري وكيفية الوصول إليه بأسهل الطرق التي تجعل الشخص فردًا ذو أهمية في المجتمع ، وموضع ثقة واحترام الآخرين .
لابد أن نسعى لأن نكون ناجحين فكريًا ، مما يزيد من إقبالنا على الحياة ، وافادة كل من حولنا بالكثير من الإيجابيات التي لاشك أنها السبيل الوحيد للنهوض بالمجتمع والوصول إلى بر الأمان.