بقلم د / أميرة النبراوي
الساعه تدق الثانية ظهرا بيت قديم راقي وذوق جميل وآثاث فيه عراقه رغم مرور السنوات السيده العجوز تجلس علي رأس المائدة ،
تضع أمامها الغذاء وتنظر بعيون حزينه منكسره تملأها الدموع ومقاعد السفرة الفارغة ولاصوت غير الصمت تنظر لرأس المائدة وتسرح والدموع في عينيها
لسنوات بعيده مضت . زوجها عاشت معه أجمل سنوات عمرها تزوجته وهي صغيره جدا وذهبت معه الي مدينه بعيده عن الأضواء عاشت معه فرحه عمرها لأنه أول رجل في حياتها رأت الكون بعينيه . وعرفت السعادة وعوضها بحبه وحنانه وبعدها عن الأهل والأحباب ومعه ذهبت حفلات أم كلثوم وكم تناولا الإفطار فى جروبى عدلى واستمتعا بالشمس فى حديقته .وبدت كملكه متأبطه يد زوجها وسهرا معا ورقصا معا في شبرد وعاشت كملكه متوجه في منزلها و خادمة تساعدها وطباخ في المناسبات وضيوف كل ليله يسهرون للفجر وأجمل عشاء ومقبلات وحلويات واحلي الأمسيات تعدها الزوجه عامرة بالحب و منزلهم مليء بالأحباب والأصحاب وقبلهم الحب ..وتنجب الأطفال وتعيش اروع لحظات حياتها وتمسك بأيديهم في أول خطوه في حياتهم ، ويكبر الأبناء وتتذكر الأم متي نطق ماما وبابا ودونت كل تاريخ في حياه أبنائها ومتى كانت أول خطوه لأولادها وموعد اول يوم في المدرسه وأول كلمه كتبها في الكراسه وأول مره أمسكت بيد صغيرها وموعد اول سِنه ظهرت في فم صغارها وأول مره ارتفعت درجه حرارته وموعد اول تطعيم لشلل الأطفال و وفرحة إنتقال الأبناء من عام لآخر والفرحة بالشهادة وقبله علي الجبين وشكر لله وحفله جميله في بيت العز يابيتنا وسعاده بأغنية فايزة أحمد ومع كل فرحه وكل عام يكبر الأبناء كانت سعاده الزوج غامرة بزوجته المضحيه بكل شيء في سبيل إسعاد أسرتها. وفي خضم الحياه ورحله الزواج يموت الزوج فجأه في منتصف الرحلة، وقبل الوصول للشاطىء ْ الآمن تعيش الأم صدمة كبيرة أخذت فتره كبيرة وهي لم تفق من الصدمة إلا حين نظرت الي أبنائها وتذكرت أن أمامها رحله طويلة حتي تصل بهم إلى شط الآمان فتقف سريعا من كبوتها وتمسح دموعها وتتذكر آمالها والاب لاولادهم . وترجع الي طريق كفاحها ويخلو البيت من الاحباب والأصدقاء وتنزل دموع الأم بعد موت الزوج وهروب الأصدقاء وأهل الزوج سريعا . ظنا من سؤال الأم برد الجميل . وتجمع الأم شتات نفسها وتقف بكل قوه مع الأولاد كل في طريقة وتمر السنوات ويكبر الأبناء. ويبقي من الأحباب صديقه الوفاء تاج رأسها وجاره عاشت معها رحله حياتها عن قرب وعوضتها عن بعد الاهل و الوحيده من بقت علي الإخلاص والود لوجه الله . شربا القهوه معا كل يوم بعد خروج الأولاد الي مدارسهم ثم الي كلياتهم وهي الجارة السند والصدوقه والقلب الطيب ومرآه روحها كل منهما تقف سندا للأخري .وتمر السنوات ويتزوج أبناءها وتستقبل أول حفيد ويتجمع الأولاد والاحفاد علي المائدة يوم الجمعه مع الجدة وهي سعيدة وتري شجرة عمرها وظلالها الباسقه تكبر يوما بعد يوم وتزداد الفروع . ويبدأ الأولاد تدريجيا تقليل الزيارات للأم بحجة الحياه والمسؤليات ،تجاه الأبناء وتصبح الزيارات في الأعياد الرسمية وتشعر الأم بالوحدة وتملأ جارتها وحدتها. كلما احتاجت لها تجدها أسرع واحده وتشعر الأم بالوحدة وببعاد الأبناء والأحفاد بعد أن كانت تجمعهم مائدة الطعام وبمرور الوقت أكتفي الأبناء بالسؤال بالتليفون والزيارات الرسمية في المواسم والأعياد وتشعر الأم بحزن بالغ واشتياق للاحفاد وهم اكتمالا لحياتها المضيئه واالمليئه برحله بكل ألوانها ، وتحكي لجارتها وتبث اشجانها وتقول لها أولادي. اغلقوا أبواب منازلهم في وجهي والدموع تملأ عينيها وكانت تتمني أن يصحبها الأبناء الي المصيف اقصى أمانيها رؤيه البحر والاستمتاع بصوته ولكن للأسف تناسي الأبناء تدريجيا الأم وكانت تلجأ الي صديقتها وجارتها الوحيده في إدخال البهجة لقلبها وكم مشيا معا لمشاهده الشروق والغروب وضحكتا معا. وتشعر الأم بألم وحزن شديد وهي تجلس علي المائدة وشريط حياتها يمر أمامها كفيلم سينمائي فيه السعاده والأحزان وفجأة شعرت بألم شديد في قلبها ولم تعد قادرة علي الحركه .اتصلت بصديقتها الوحيده وتوأم الروح وكان معها مفتاح منزلها حضرت لها في ثوانِ وضمتها بحب شديد واسرعت بطلب الطبيب لها وجاء الطبيب سريعا وأوصى بالراحة والأدوية طلبت الأم من جارتها ان تصحبها لمشاهده الغروب ، بحق الصداقه والحب بينهما وحققت لها الأ منية وظلت الأم تنظر للغروب وقرص الشمس الدامى يختفي تدريجيا وينزل للماء والدموع تنهمر من عينيها وجارتها تمسك يدها بحب العمر وهي تضغط علي يديها وتراقبها وهي تغمض عينيها .وتمسك يد صديقتها وكأنها تقول لها كلمات وداع أو شكر وعرفان وكأنها أرادت يكون مشهدها الاخير أو غروب عشقته كما عشقت فى شبابها شروق الشمس وكأنها أمل متجدد للحياه وطاقه أمل لحياه طويله وكفاح والان غروب ربما فقدت احساسها بالحياه أو حب ضاع منها ولم يشعر به من عاشت لاجلهم عمرها وحياتها ورحله كفاح لم تكن سهله أو ورديه .