بقلم / هبه عبد العزيز
يزحف التنين الصينى فى هدوء منذ الثمانينيات حتى أصبح الأقتصاد الصينى الأسرع نموا على المستوى العالمى ، وتحولت من دولة اشتراكية معزولة الى العمود الفقرى للاقتصاد العالمى ، ولكن عجرفة بلاد العم سام «أمريكا» أصابتهم بالعمى ولم يكن من بينهم رجل حكيم حتى يتخذ إجراءات واستعدادات لمجابهة هذا الزحف المخطط باحترافية .
حتى أتاهم التنين فى عقر دارهم وأتذكرحين كنت بالولايات المتحدة الأمريكية ذهبت لشراء حذاء رياضى ماركة أمريكية شهيرة وفوجئت أنه مكتوب عليه «صنع فى الصين» وحين امتعضت وسألت مدير المتجر أجابنى : إن العمالة فى الصين أرخص لأنها نحو 5 دولارات فى الساعة ولكن العمالة فى أمريكا 40 دولارا فى الساعة ، لهذا فنحن أقمنا مصانعنا هناك بغية الربح وتوفير النفقات !! هنا إرتبكت جدا ودار فى عقلى الكثير من التساؤلات الى أن تذكرت العمال الصينيين الذين كانوا يتجولون فى ميادين مصر ويدقون الأبواب ليعرضوا بضاعتهم فى منتصف التسعينيات والألفية ، ثم غزت الصين سوق السيارات العالمية بقوة والغريب أنها لم تتوقف عند هذا الحد بل تحولت الى قبلة ومقصد للتجار من كل دول العالم ، حيث يبتاعون البضائع بكل مستوياتها من حيث الجودة والسعر ويبيعونها فى بلادنا تحت بند المستورد ، وطال الثراء هؤلاء بضراوة .
وانتفضت أمريكا من غفوتها بعد أن صدرت الصين فيروس «كورونا» للعالم أجمع بلا هوادة وكانت الكارثة الأسواء على الإطلاق فى العصر الحديث حيث راح ضحيتها ملايين من الضحايا وظل الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب يصرخ على كل المنابر « الفيروس الصيني» !
وفى غمار الحرب العالمية الناعمة التى يخضع لها الكوكب البشرى الآن عقب احتلال السوشيال ميديا ذات الصناعة الأمريكية ، لم يهدأ التنين الأصفر بل جلس يفكر ويفكر بعمق إلى أن تفتق ذهنه عن « التيك توك» وهى فيديوهات قصيرة ذات مؤثرات إضافية فى الصوت والصورة الى أن تصدر المشهد وأصبح الأكثر استخداما وتفاعلا على مستوى العالم ويليه اليوتيوب ثم انستجرام ثم تويتر وأخيرا الفيس بوك ، هنا ارتبكت إدارة «ميتا» المسئولة عن فيس بوك وأطلقت رسميا ميزة «ريلز» فى محاولة بائسة لمنافسة «تيك توك» فى أكثر من 150 دولة وأعلنت الشركة الأمريكية التى حققت تراجعا فى نتائجها المالية خلال عام 2021 طرقا جديدة لمساعدة المبدعين فى الربح من نشر المحتوى فضلا عن أدوات جديدة تسهل إنشا المحتوى ونشره عبر ميزة «ريلز» ، حيث توصلت «ميتا» الى أن مستخدمى الفيسبوك وانستجرام يقضون نصف الوقت فى مشاهدة الفيديو .
ووسط هذا التنافس الشرس بين مواقع التواصل الاجتماعى تحولنا نحن الى مستهلكين عشوائيين وانتصر التيك توك الصينى على نظيره الأمريكى بفارق كبير ، واحتلت مقاطع الفيديوهات القصيرة العقول والبيوت فى مصر ، حتى تحول المحتوى الى سم قاتل للقيم والأخلاقيات ولم يعد هنا معنى للخصوصية أو حرمة للبيوت أو ستر للعيوب ، فالأهم تحقيق الأعلى مشاهدة وبالتالى ركوب التريند ثم الربح المجانى غير المكلف فالبعض يصنع الفيديو من غرف النوم والبعض من المطبخ ولا أعرف الى أى حد سوف يقف هذا الاختراق السافر، وبحلول العام الجديد 2023 كل عام وأنتم بخير ، هل سيظل التنين الصينى متربعا على عرش الاقتصاد العالمى والسوشيال ميديا ؟