كتب د / حسن اللبان
أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، افتتاح عدد من المواقع الأثرية، تضمّنت حجرتين بمعبد “حتشبسوت”، وثلاث مقابر هي “ميرو” و”جحوتي” و”حري”، في مدينة الأقصر جنوب البلاد.
وذكر الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، في بيان عبر حسابه على “انستغرام” افتتاح حجرتي آمون الشمالية والجنوبية على الشرفة العلوية لمعبد حتشبسوت بالدير البحري، ومقبرة “ميرو” في جبانة العساسيف الشمالية، وذلك بعد الإنتهاء من مشروع دراستها وتوثيقها وترميمها بالتعاون مع المركز البولندي لآثار منطقة حوض البحر المتوسط بجامعة وارسو.
وتحيط الحجرتان الجديدتان بالمقصورة الرئيسية للإله آمون رع في معبد حتشبسوت، التي افتتحت أمام الجمهور عام 2017، وفقًا لوزيري.
وأشار إلى أنه من خلال دراسة النقوش الموجودة على جدران الحجرة الجنوبية، اتضح أنها ربما كانت تستخدم لتخزين المواد العطرية، والكتان، المستخدم ةأثناء الطقوس الدينية، في حين صوّرت جدران الحجرة الشمالية، التي لا يعرف سبب استخدامها بعد، مشاهد لتقديم القرابين للإله آمون رع من قبل الملكة حتشبسوت وراعيها، الملك تحتمس الثالث، وبعض الأعمال الطقسية التي قاموا بها مثل الجري بالمجداف.
وعندما اعتلى الملك تحتمس الثالث العرش بمفرده بعد فترة من الحكم المشترك، تم إزالة صور الملكة حتشبسوت من الزخارف في جميع أنحاء المعبد،بحسب وزيري.
من جانبها، أشارت الدكتورة آن فودينسكا، مديرة المركز البولندي لآثار حوض البحر المتوسط بالقاهرة، إلى أنّ خلف أبواب الحجرتين، يوجد منظر يصور المهندس “سنموت”، أبرز رجال بلاط الملكة حتشبسوت، مع كتابات تشرح أنّ الملكة سمحت بكتابة اسمه في جميع حجرات معبدها، ولكن صُوّر “سنموت” هذه المرة في النقوش داخل هاتين الحجرتين فقط وهو واقف بدلًا من وضعية الركوع، ما قد يوحي بوظيفة خاصة لهاتين الغرفتين.
أما عن مقبرة “ميرو”، فأوضح مدير عام آثار مصر العليا الدكتور فتحي ياسين، أنّها تخص شخصًا يدعى “ميرو”، الذي كان مسؤولًا رفيع المستوى في بلاط الملك منتوحتب الثاني (2055-2004 قبل الميلاد)، مؤسس الدولة الوسطي، وهي مقبرة منحوتة في منحدر صخري يسمى شمال العساسيف، وهو بمثابة استمرار للمدرج الصخري في الدير البحري.
وافتتح وزيري أيضًا مقبرتي “جحوتي” و”حري” من الدولة الحديثة بمنطقة “ذراع أبو النجا” في الأقصر بعد ترميمهما، وفق ما جاء في بيان وزارة السياحة والآثار المنشور على صفحتها الفايسبوكية.
أوضح وزيري أنه تم إكتشاف المقبرتين من خلال أعمال البعثة الأثرية المصرية الإسبانية المشتركة من المجلس الأعلى للآثار والمجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا منذ عام 2002.
وقامت البعثة بأعمال الحفر والترميم ونشر العديد من النتائج البحثية المتعلّقة بالمقابر الموجودة في منطقة “ذراع أبو النجا” بالبر الغربي في مدينة الأقصر، حيث نجحت في كشف النقاب عن العديد من المقابر، والتوابيت، والمومياوات، والحديقة الجنائزية، وفقًا للبيان.
وأضاف وزيري أنّ المقبرتين تخصّان شخصيتين بارزتين خلال إحدى أهم حقب التاريخ المصري القديم، وهي بداية عصر الأسرة 18 من الدولة الحديثة، لافتا إلى أن تخطيطهما يأخذ شكل حرف (T)، وهو التخطيط المتبع في مقابر الأسرة الـ18، حيث تتكون كل منهما من مدخل وصالة للأعمدة ثم بئر للدفن، كما أن جدران المقبرتين مزينة بالنقوش المتميزة.
وشرح وزيري أنّ “جحوتي” كان يشغل منصب المشرف على خزانة الدولة، وكذلك أعمال الحرفيين والفنانين الذين عملوا خلال عهد الملكة حتشبسوت، كما كان مسؤولاً عن تدوين رحلة حتشبسوت إلى بلاد بونت، وتوفير مادة الالكتروم (خليط من الذهب والفضة) لكسوة قمة المسلات التي وضعتها في معابد الكرنك، بالإضافة إلى أنه كان مسؤولا عن عملية نقل المسلّات.
وتتميز الحجرة، التي تسبق حجرة الدفن، بنقوش حفر عليها 43 فصلًا من فصول “كتاب الموتى”، وهي تُعد المرة الأولى التي يكتب فيها فصول الموتى على جدران المقابر. بعدها بدأت كتابتها على الكتان والبردي.
أما “حري” فكان يشغل منصب المشرف على المخازن الملكية للزوجة والأم الملكية المقدسة “إياح حتب”.
ومن جانبه، قال خوسيه جالان، مدير البعثة الإسبانية-المصرية من المجلس الأعلى للبحث العلمي بإسبانيا في معهد لغات وثقافات المتوسط والشرق الأقصى، إن اسم “جحوتي” ووجهه الموجودان على نقوش جدران المقبرة قد تضررا بشكل منهجي بعد وفاته بهدف محو هويته، وبالتالي فقد القدرة على تذكّره والذهاب إلى الحياة الأبدية.
وأضاف جالان أن النقوش بالمقبرة أشارت إلى أن والده ربما يكون من أصل غير مصري، الأمر الذي دفع جحوتي إلى محاولة التأكيد على إتقان الكتابة المصرية ومعرفته بأقدم النصوص والشعائر الدينية.