بقلم الاعلامي المصري / حسين عبد الغني
وأشار عبد الغني إلى أن “فظاظة وسائل الإعلام الإسرائيلية والحاحها المستفز علي المشجعين العرب الذين رفضوا تماما الحديث مع إسرائيليين، تكفلت بإظهار كل ما تكنه الشعوب العربية من عداء لإسرائيل وكل ما تمثله من إحتلال وعنصرية وتعدي وقح على المقدسات الإسلامية والمسيحية العربية”.
وأضاف أنه: “اعترفت تقارير ميدانية لهيئة الإذاعة البريطانية والجرائد ومحطات التلفزيون الإسرائيلية بأن المصريين الذين وقعت حكومتهم أول اتفاق سلام مع إسرائيل قبل 44 عاما كانوا الأكثر تعبيرا عن العداء والغضب ورفض التطبيع مع إسرائيل”.
وقال: “الإسرائيليون الذين أصابتهم صدمة عصبية من حجم رفض العرب، خاصة المصريين، خاصة شبابه الذي سيقود المستقبل لدرجة ان صحيفة معاريف الاسرائيلية طالبت باتفاق سلام جديد مع مصر ولكن هذه المرة مع الشعب المصري الذي تأكد كرهه لإسرائيل والذي مازال ينظر للاتفاقية التي وقعها السادات مع بيغين علي أنها عار يستحق التجاهل والنسيان”.
وأكد أن “الواقعة الحديثة في مونديال الدوحة تكشف جزئيا عن سؤال لماذا ظل السلام بين مصر واسرائيل سلاما رسميا وليس شعبيا، باردا وليس ساخنا ولماذا حافظ المصريون على حالة رفض قاطع لكل المحاولات الإسرائيلية اللزجة للتطبيع . على أنه من الضروري الى الإشارة الي جذور هذا النفور المصري من التطبيع مع إسرائيل ثلاثة منها تتعلق بالوجدان والمشاعر وثلاثة آخريات تتعلق بالعقل والمصالح الوطنية والقومية: أولها الشعور والوجدان الجمعي للشعب المصري الذي تحمل جيشه وشعبه العبىء الأكبر في الحروب العربية الإسرائيلية لم يترك أسرة مصرية واحدة دون أن يكون فيها شهيد لم ينسى أبدا دم هؤلاء الشهداء كما لم ينسى جرائم الحرب الاسرائيلية الهمجية في ابوزعبل وبحر البقر التي قتل فيها عمال وأطفال مدارس أبرياء بقنابل محرمة دوليا . وقد أبقى على هذه الذاكرة المصرية حية وعاجزة على نسيان ثأرها مع إسرائيل الاكتشافات المتتالية حتى اليوم لجرائم قتل نفذها الجيش الاسرائيلي ضد جنود أسرى مصريين عزل في عمليات إعدام جماعي او دفنهم أحياء في مقابر جماعية. وثانيا لا يمر يوما دون أن تجعل إسرائيل مرجل الكراهية المصري يغلي فهي تستفز المشاعر الدينية العميقة والحساسة للشعب المصري تجعله ينتفض غضبا من أجل المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة. وهذه المقدسات التي تنتهكها الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة من المستوطنين والمتطرفين في اليمين الاسرائيلي على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وغيرها. وثالثا اثبتت كل الإشارات المعنوية والعاطفية الجماعية للشعوب العربية أن رابطة العروبة هي أقوى الروابط وأنه يكفي أن يلعب منتخب من أي دولة عربية بين المحيط والخليج مع دولة أجنبية لكي تظهر تضامنا عارما مع هذا المنتخب من كل الشعوب العربية دون استثناء فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بسفك دم يومي من قوات الجيش والشرطة والمستوطنين الإسرائيليين للشعب العربي الفلسطيني الشقيق في الضفة أو بعمليات عدوان كبرى كل عدة سنوات على قطاع غزة وقتل فيه مئات الأطفال والشيوخ والنساء وتهدم معظم بيوتها ومبانيها”.
ووضح الكاتب أن: “ما ساعد على بلورة مشاعر النفور الشعبي هو أن القوى الوطنية المصرية والنقابات المهنية والعمالية والأحزاب حققت نجاحا باهرا في حملاتها وجمعياتها المعادية للتطبيع واستطاعت جعل فعل التطبيع فعلا مجرما شعبيا يتم ” تجريس”صاحبه وفصله من نقابته المهنية كما حدث مع الكاتب المسرحي علي سالم عندما تهور وقام بزيارة لإسرائيل ودعا للتطبيع معها”.
وأكمل: “أما الجذور المتعلقة بالعقل والمصالح في رفض التطبيع مع اسرائيل والنفور منه كدولة ما زالت تعتبر في نظر المصريين دولة معادية بغض النظر عن {ورقة} معاهدة السلام فهي : “ارتباط عملية التسوية مع اسرائيل بانحسار الدور الإقليمي لمصر وتراجع وزنها السياسي والاقتصادي وتعثر عملية التنمية وارتفاع معدلات الفقر والفقراء مما جعل المصريون يشعرون بالخديعة اذ قدم لهم الرئيس السادات عملية السلام مع إسرائيل على أنه سيكون باب الرخاء والتقدم الاقتصادي وأنهار اللبن والعسل بعد انتهاء الحروب