بقلم الكاتبة الصحفية / راندا بدر
قرأت هذا الكلام عن ” ديوان المظالم ” في الإعلام الأسترالي … فكاد فمي يطير ضحكاً … و قلبي يطير حسرة !!!
هناك … حيث يحترمون العقل … يخترعون ” صندوق اعترافات ” للصحفيين … كأنهم يقولون للجمهور :-
نحن بشر … نخطئ … و نعتذر … فسامحونا !
و هنا … حيث نعيش … الإعلامي يشبه ” العسكري ” في الميدان … لا يتراجع … لا يستسلم … ولا يعترف بالهزيمة حتى لو انهزم !
أما الاعتذار ؟!
إنه في قاموسنا المهني أشبه ” بجنازة صامتة ” … ندفن فيها الميت و لا نقرأ له الفاتحة … كأن شيئاً لم يكن !
تخيلوا معي …
ماذا لو أن مذيعاً شهيراً قال بعد تقرير خاطئ :-
” أخطأت … و أعتذر ” ؟
سيكون خبر الصفحة الأولى … و سيشكلون لجنة تحقيق … و سيسألونه :- من الذي دفعك للاعتذار ؟
و ما هي الخطة الخبيثة وراء هذا التواضع المفاجئ ؟!
لأننا في بلد العجائب …
الخطأ نفسه ليس جريمة … لكن الاعتراف به هو الجريمة الكبرى !
و العجيب …
أن بعض مسؤولي الصحف و القنوات يفضلون أن يسحبوا المحامي إلى المحكمة … على أن يسحبوا كلمة ” آسف ” إلى الجمهور !
يكلفون الخزينة آلاف الجنيهات في قضايا التشهير … و لا يريدون أن يخسر وا عشر ثوان من بث مباشر يقولون فيها :-
” أخطأنا فاغفروا لنا ” !
أما الجمهور …
فهذا المسكين الذي يرى الخبر الكاذب يطلقه ” فيل” في الصباح … ثم لا يجد من يجرؤ على أن يقول للفيل :- إنك لا تطير !
فنحن – معشر الصحفيين – في زمن العجائب …
نتشبه بالأنبياء في العصمة … و بالسياسيين في المراوغة … و بالمشايخ في تقديس الذات !
يا سادة …
الاعتراف بالخطأ لا يضعف هيبتكم … بل يزيدها …
و الاعتذار لا يشوه سمعتكم … بل يلمعها كالذهب !
أما و أنتم تصرون على القداسة الوهمية …
فستصبحون مثل ” التماثيل ” … الناس تحترمكم من بعيد … و تضحك عليكم من قريب !!!
و ختاماً …
أقول لصناع الكلمة في بلدي :-
إن الصحفي الشجاع ليس من يكتب المقال الناري فقط …
بل هو من يكتب ” اعتذاراً نارياً ” عندما يخطئ !!!
#راندا_بدر























































