بقلم الأستاذة الدكتورة / ريم شطيح
لا أعرف إنْ كانت نعمة أو نقمة أن تكونَ قادراً على قراءة الآخرين بهذا الشكل الدقيق وتعرف ما يدور في عقولهم ومشاعرهم تصلك بكل وضوح ولو لم تخبرهم بهذا.
أغبياء جداً مَن يظنّون أنهم قادرون على إخفاء مشاعرهم ونواياهم وهي ظاهرة “في سلوكهم” وتصل بكل طرق التعامُل والتواصُل من خلال هذا “السلوك” وليس من خلال إحساس يصل لوحده، حيث غالباً ما يَعمدون هؤلاء لتبرير سلوكهم وإخفاء مشاعر الحقد والكراهية بالتنكّر لتفسير سلوكهم على أنه لا يُقصَد به ما وصل، وإنما هذا فقط إحساسك.
حاذروا من هذا التشويش، فالتقييم يقوم على السلوك وليس على الإحساس؛ الإحساس يعقب السلوك، فكل تواصل هو سلوك، انتبهوا: الكلام سلوك، الصمت سلوك، البرودة والحيادية والتجاهُل سلوك، النظَر سلوك، الحركة باليد سلوك، الكتابة سلوك، …. الخ. إذن التقييم يُبنى على السلوك وليس على الإحساس، ومن خلال استهجان السلوك حين ترفضه نفسُك يتكوّن لديك الإحساس مباشرةً.
من سنوات طويلة وأنا أقرأ في سلوكيات الناس نواياهم ودوافعهم، وهي لا شك نعمة العقل والمقدرة، لكن الخيبة الدائمة تترافق مع هذه القراءة حين ترى الشر في قلوب الكثيرين وهم يظنّون أنهم أذكياء وأنّهم يملكون مقدرة إخفاء ما يشعرون والحقيقة أنهم فاشلون جداً بهذا حيث لا بد لطريق الشر أن يكونَ فاشلاً.
صفاء النوايا وطهر القلوب يجسّده السلوك، ولا تستطيع مهما حاولت إخفاء ما لديك لأن سلوكك يكشفك بكل بساطة، فعالج مشاعرك بدلا من التنكّر لسلوكك.
مساء السلوكيات المتوازنة وطهر القلوب يا أصدقاء
د. ريم شطيح
كاتبة و باحثة سورية أمريكية
أستاذة علم نفس بأكثر من جامعة أمريكية