كتب / على حسن
أشعلت احتفالات مولد السيد أحمد البدوي، التي انطلقت في منتصف أكتوبر واستمرت أياما وملأت شوارع مدينة طنطا شمال القاهرة، ضجة واسعة في الوسط المصري بعد توافد مئات آلاف الزوار.

وملأت الحشود الشوارع المحيطة بمسجد السيد البدوي، وسط أجواء روحانية تجمع بين الإنشاد الصوفي وحلقات الذكر والمواكب الشعبية، لكنها أثارت جدلا حادا على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام حول “الغلو” والممارسات الدينية، مع تعليقات حادة من الطرق الصوفية تدافع عن التراث وتنتقد الخصوم.
ووفقا لتقارير ميدانية وتسجيلات فيديو انتشرت على “إكس” وتيك توك، بلغ عدد الزوار نحو 2-3 ملايين شخص في الليلة الختامية يوم 16 أكتوبر، حيث امتلأت الساحة الأحمدية بالأعلام الخضراء وخيام الإقامة وأصوات المديح الجماعي التي قادها المنشد الشهير ياسين التهامي وابنه محمود .
وحضر الحدث شخصيات رسمية بارزة مثل وزير الأوقاف أسامة الأزهري، ومفتي الجمهورية الأسبق علي جمعة، ومحافظ الغربية اللواء أشرف الجندي، الذين شاركوا في حلقات الذكر، مما أضفى طابعا رسميا على الاحتفال.

وأثار التوافد الغفير مخاوف أمنية وصحية، مع تقارير عن سرقات متفرقة وازدحام مروري شديد، إلى جانب انتقادات لـ”الرقص الشعبي” والطواف حول الضريح الذي وُصف بـ”الشرك” من قبل بعض النشطاء.
من هو السيد البدوي؟
ويعد السيد أحمد البدوي (1199-1276م)، الملقب بـ”شيخ العرب” و”جاب الأسرى”، واحدا من أبرز أقطاب التصوف في مصر، حيث هاجر من المغرب إلى طنطا وأسس الطريقة البدوية، التي تعتبر جزءا من 77 طريقة صوفية مسجلة في المجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر.
وينسب إلى السيد البدوي كرامات تاريخية، مثل مشاركته الروحية في معركة عكا ضد المغول عام 1260، مما جعله رمزا للصمود الشعبي، حيث يقام المولد سنويا حول مسجده الأحمدي، ويشمل مواكب الجمال والإنشاد والزيارات الروحية.
وتجذب المناسبة ملايين الزوار سنويا، مما يجعلها أكبر تجمع ديني شعبي في مصر، وتساهم اقتصاديا بملايين الجنيهات لمحافظة الغربية عبر التجارة والسياحة الدينية، ومع ذلك تثير الاحتفالات جدلا تاريخيا بين الصوفية والسلفيين، حيث يراها الأخيرون “بدعة وغلوا” بينما يدافع الصوفية عنها كـ”تعبير عن الولاء للأولياء”.
وتناول الإعلامي عمرو أديب المشهد خلال برنامجه “الحكاية” عبر فضائية “إم بي سي مصر”، متسائلا عن سر الإقبال غير المسبوق على المولد قائلا: “ليه الناس كلها بتروح هذا المولد بالتحديد؟”، مشيرا إلى بعض الممارسات التي وصفها بالغريبة مثل “التمسح بالضريح أو مخاطبة السيد البدوي وطلب الغوث منه”.
في المقابل كتب الإعلامي والرياضي أحمد شوبير، وهو من أبناء مدينة طنطا، في منشور عبر منصة “إكس” تويتر سابقا، أكد فيه أن مشاركة الأعداد الكبيرة أمر معتاد منذ عقود.
وقال شوبير: “ده العادي بتاع مولد السيد البدوي من زمان أوي، المولد أهم حدث في السنة لطنطا كلها، وكل المحلات بتعتمد عليه كمصدر رزق رئيسي”، مضيفا أن المولد أصبح جزءا لا يتجزأ من هوية المدينة وتاريخها الاجتماعي والاقتصادي.
في حين ذهب الكاتب المصري خالد منتصر إلى رؤية مغايرة عبر حسابه على “فيسبوك” منتقدا ما وصفه بـ”الإيمان بالخرافات” حول كرامات السيد البدوي، وكتب: “ما يحدث في المولد من تشنجات وتنويمات مغناطيسية وتفقيرات يدل على أن العقل الجمعي المصري راح في الوبا” على حد وصفه.
واعتبر منتصر أن “الفكر الخرافي” يعوق أي تقدم علمي أو حضاري، داعيًا إلى فصل الإيمان بالله عن الاعتقاد في الوسائط والكرامات، وختم قائلا: “لن نتقدم ونصنع دواءنا وسلاحنا ونزرع غذاءنا بالسيد البدوي، ولكن بالسيد العلم”.