كتب د / حسن اللبان
مصر تنضم لبرنامج المقاتلة الشبحية قآن مع تركيا
وذكر الموقع الأمريكي أنه مع انضمام مصر إلى برنامج قآن، يحصل المشروع على شريك عربي رئيسي، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل توازن القوى الجوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
خلفية برنامج قآن التركي
يترأس برنامج قآن التركي شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية، ويهدف إلى إنتاج طائرة مقاتلة من الجيل الخامس بمحركين مزدوجين، قادرة على العمل في جميع الظروف الجوية، ومزودة بقدرات شبحية متقدمة، وقدرة على الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت دون استخدام الحارق اللاحق (المعروف باسم السوبركروز)، بالإضافة إلى دمج المستشعرات وخصائص القتال الشبكي.
تسارع المشروع بعد استبعاد تركيا من F-35
بدأ المشروع في عام 2010، لكنه تسارع بشكل حقيقي بعد استبعاد الولايات المتحدة لتركيا من برنامج إف-35 كرد فعل على شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400. أجرت الطائرة قآن رحلتها الأولى في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى الجاهزية التشغيلية الكاملة في وقت لاحق من هذا العقد.

- المقاتلة الشبحية الأمريكية من الجيل الخامس F-35
كانت إندونيسيا شريكًا مبكرًا في البرنامج، إلا أن انضمام مصر يمثل توسعًا مهما يشمل تبادل التكنولوجيا والإنتاج المشترك واحتمال التمويل المشترك.
قآن تتفوق على إف-22 الأمريكية وسو-57 الروسية
يُروِّج مسؤولو شركة الصناعات الجوية التركية للمقاتلة “قآن” على أنها تتفوق في بعض الجوانب على المقاتلة الأمريكية إف-22 رابتور والروسية سو-57، بفضل حمولتها الأكبر، وقدراتها المتعددة المهام، وتكاملها المتقدم لأنظمة الاستشعار والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى قدرتها على الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت دون حارق لاحق، بالإضافة إلى سعرها الأقل بالتأكيد.

- المقاتلة F-22 Raptor الأمريكية
هذه الشراكة، التي بدأت ملامحها في عام 2024، وتتيح لمصر الوصول إلى تكنولوجيا شبحية متقدمة دون قيود غربية، وتعزز استقلاليتها العسكرية، مع إمكانية إنتاج مكونات الطائرة محليًا، مما يجعلها أول دولة أفريقية تشارك في إنتاج مقاتلة من هذا الجيل ويغير توازن القوى الجوية في المنطقة
وتشير التقارير إلى أن مصر قامت بفحص النماذج الأولية للطائرة قآن، وأكدت مشاركتها رسميًا بحلول منتصف عام 2025، مع توقع توقيع الاتفاقيات في وقت لاحق ربما بداية العام القادم حسبما ذكر الموقع.
تعكس هذه الشراكة استراتيجية تركيا في بناء صناعة دفاعية مستقلة، مع جذب شركاء دوليين لمشاركة تكاليف التطوير التي تقدر بأكثر من عشرة مليارات دولار.
أسباب التقارب بين مصر وتركيا حاليًا
يعود قرار مصر بالانضمام إلى برنامج الطائرة المقاتلة قآن من الجيل الخامس إلى مجموعة من الدوافع العسكرية والاقتصادية الدبلوماسية
ومن الناحية العسكرية، تسعى القاهرة إلى تحديث قواتها الجوية وسط تصاعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك عدم الاستقرار في ليبيا والسودان وشبه جزيرة سيناء. يتكون الأسطول الجوي المصري الحالي من طائرات إف-16 أمريكية الصنع، وطائرات رافال فرنسية، وطائرات ميج-29 روسية، لكن الاعتماد على هؤلاء الموردين أظهر قيوده.

- مقاتلة فالكون F-16 تابعة للقوات الجوية المصرية
على سبيل المثال، غالبًا ما ترتبط مبيعات الأسلحة الأمريكية بشروط سياسية، مما أثار إحباط القيادة السياسية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما تواجه الصفقات الروسية مخاطر متزايدة بسبب العقوبات الدولية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 .
مصادر التسليح المصرية
من خلال الشراكة مع تركيا، تتنوع القاهرة مصادر تسليحها وتحصل على تكنولوجيا شبحية متقدمة دون إشراف غربي. يتوافق ذلك مع توجه السيسي نحو الاكتفاء الذاتي في التصنيع الدفاعي، مما قد يتيح إنتاج مكونات الطائرة قآن محليًا ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
مصر تسهم في البحث والتطوير والتصنيع
من الناحية الاقتصادية، يقدم البرنامج فوائد مشتركة. تمتلك مصر ميزانية دفاعية لا بأس بها وقاعدة صناعية قوية، مما يمكنها من المساهمة في البحث والتطوير والتصنيع، وخلق فرص عمل وتعزيز قطاع الطيران لديها. في المقابل، تحصل تركيا على شريك تمويلي مستقر وسوق تصدير محتمل. قد تشتري مصر عشرات الطائرات قآن لاستبدال الطائرات القديمة على المدى الطويل
تطبيع العلاقات المصرية التركية
من الناحية الدبلوماسية، يبني هذا التعاون على تطبيع العلاقات المصرية التركية منذ عام 2021، بعد سنوات من التوتر بسبب قضايا مثل جماعة الإخوان المسلمين ودعم الطرفين لأطراف متعارضة في الصراع الليبي. مهد تحسن العلاقات، بما في ذلك تبادل السفراء والاتفاقيات التجارية، الطريق لهذه الشراكات الدفاعية الجديدة.
شراكات تدعم الاستقلالية
يعكس انضمام مصر إلى قآن توجهها نحو شراكات غير متحيزة، مما يعزز استقلاليتها الاستراتيجية في عالم يتجه نحو التعددية القطبية. في المقابل، يوسع هذا الاتفاق نفوذ تركيا في العالم العربي ويجعل أنقرة مصدرًا دفاعيًا رئيسيًا.
من المتوقع أن تؤثر الشراكة المصرية التركية في برنامج قآن تأثيرًا كبيرًا على المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال إنشاء تحالفات جديدة وتحدي الهياكل القائمة للقوة.
تعزز هذه العلاقة الجديدة المحور الناشئ بين تركيا ومصر، مما قد يوازن نفوذ الدول الخليجية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان استثمرتا بكثافة في الأسلحة الأمريكية والأوروبية.
مصالح مشتركة
قد ترجح القدرات الجوية المعززة لمصر كفة الميزان في الصراعات الإقليمية، مثل النزاع في ليبيا حيث كانت مصالح البلدين متعارضة سابقًا، لكن المصالح المشتركة ستتقارب مع تعمق العلاقات. قد يمتد التعاون المصري التركي الجديد إلى عمليات بحرية واستخباراتية مشتركة في شرق البحر المتوسط، وسط النزاعات المتعلقة بالغاز الطبيعي مع اليونان وقبرص.
إسرائيل تعيق الاتفاق المصري التركي
تشكل إسرائيل عاملًا محتملًا يعيق الاتفاق، إذ تتمتع حاليًا بتفوق جوي في الشرق الأوسط بفضل أسطولها من طائرات إف-35 آي. قد يقلل حصول مصر على قآن من هذه الفجوة، مما يدفع إسرائيل إلى إعادة تقييم وضعها الأمني وربما تسريع برامجها الدفاعية المحلية.

- توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل
رغم استمرار معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين إسرائيل ومصر، فإن القدرات الشبحية للمقاتلة التركية قآن قد تشجع مصر على تعزيز عملياتها في سيناء أو في سياق التوترات المرتبطة بغزة.
إضعاف النفوذ الأمريكي
تشمل التداعيات الأوسع إضعاف النفوذ الأمريكي، إذ تنافس قآن التركية الطائرة إف-35، وقد يشجع انخراط مصر دولًا أخرى مثل باكستان أو أذربيجان على الانضمام، مما يقلل من احتكار الولايات المتحدة لسوق الأسلحة.
من جهة أخرى، قد يعزز الاتفاق خفض التصعيد من خلال الردع المتبادل، إذ تقلل القدرات المتوازنة من الحوافز للعدوان.
تحدي الهيمنة الغربية
على المستوى العالمي، يتحدى البرنامج الهيمنة الغربية على تكنولوجيا الطائرات المقاتلة، ويتناسب مع التوجهات متعددة الأقطاب التي تعزز فيها قوى متوسطة مثل تركيا ومصر استقلاليتها عن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.
بحلول عام 2030، قد تمتلك مصر أسطولًا من الطائرات المقاتلة المتقدمة من الجيل الخامس من تركيا، مما يعزز قدراتها العسكرية ويعمق علاقاتها مع تركيا. يأتي هذا التقارب جزئيًا كرد فعل على التحديات الأمنية الإقليمية، حيث تسعى القاهرة إلى تعزيز دفاعاتها في مواجهة التهديدات المختلفة.
تحول جيوسياسي في الشرق الأوسط
ويعد التقارب المصري مع تركيا تحولًا جيوسياسيًا هامًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. قد تواجه إسرائيل بيئة إقليمية أكثر تعقيدًا، مع زيادة وصول اللاعبين الرئيسيين إلى معدات عسكرية متقدمة.
مع تقدم السياسات الخارجية القوية، قد تواجه إسرائيل تحديات من جيران يمتلكون قدرات دفاعية متزايدة القوة مع مرور الوقت.

























































