أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ملف قانون الإجراءات الجنائية إلى دائرة النقاش البرلماني، بعدما قرر رد المشروع إلى مجلس النواب لمراجعة عدد من مواده، استجابة لمطالبات عديدة من جهات مجتمعية ومؤسسات نقابية وقانونية. 

وطلب السيسي، حسب بيان رئاسي، إعادة دراسة القانون “لضمان تحقيق اعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية، بما يعزز الضمانات المقررة لحرمة المسكن ويحمي حقوق المتهمين أمام جهات التحقيق والمحاكمة”.

وشدد السيسي، وفق بيان رئاسي، على أهمية التوسع في بدائل الحبس الاحتياطي لتقليل الاعتماد عليه، وإزالة أي غموض في الصياغات قد يفتح المجال لتفسيرات متباينة عند التطبيق العملي، إلى جانب ضرورة منح الوزارات والجهات المعنية الوقت الكافي للإلمام بالآليات والنماذج المستحدثة في القانون حتى يتم تطبيقها بدقة وصولًا إلى العدالة الناجزة في إطار الدستور.

من جانبه، أعلن مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، إدراج رسالة الرئيس ضمن جدول أعماله في أول جلسة لدور الانعقاد السادس للفصل التشريعي الثاني، والمقرر عقدها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مع دعوة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي للحضور وإلقاء بيان حول ذلك.

واعتبر المجلس، في بيان له، أن “رسالة الرئيس تعبر عن حس وطني عميق وبصيرة دستورية نافذة، وأنها تجسد أرقى صور ممارسة الصلاحيات الدستورية وتؤكد الحرص على أن يظل البناء التشريعي في مصر قائمًا على أسس راسخة من الوضوح والدقة والتوازن بين متطلبات العدالة الناجزة وضمانات الحرية”.

ويستند قرار الرئيس إلى نص المادة 123 من الدستور، التي تمنحه الحق في إصدار القوانين أو الاعتراض عليها.

ورحبت نقابة الصحفيين بقرار الرئيس، حيث أكد النقيب خالد البلشي، أن “هذه الخطوة تمثل انتصارًا لمطالب المجتمع المدني وضمانة حقيقية لحماية الحقوق والحريات”، لافتًا أن النقابة كانت من أبرز الجهات التي أبدت تحفظاتها على بعض المواد التي رأت أنها قد تؤثر سلبًا على العمل الصحفي وتقييد حرية الإعلام، مثل المادتين 15 و266.

وأوضح البلشي أن القرار “يؤكد صحة هذه المطالب ويفرض ضرورة إجراء حوار مجتمعي واسع قبل إقرار أي تشريع مصيري”، مُشددًا على أهمية مراجعة المواد المتعلقة بالحريات العامة وحقوق المتهمين وبدائل الحبس الاحتياطي، بما يحقق التوازن بين العدالة الناجزة وحماية الحقوق الدستورية.

ولم يقتصر الترحيب على النقابات المهنية، بل امتد ليشمل الأحزاب السياسية. واعتبر حزب التجمع أن إعادة القانون إلى البرلمان “ليست مجرد تصحيح للمسار التشريعي وإنما تأكيد على أن القوانين ذات الطبيعة المصيرية يجب أن تحظى بمزيد من الدراسة والتأني”، قائلا إن القانون يمثل “الدستور الثاني لمصر” لما يتضمنه من نصوص تنظم الحقوق والحريات. أما حزب الجبهة الوطنية فقد وصف القرار بأنه خطوة فارقة في مسار بناء دولة القانون في الجمهورية الجديدة، مؤكدًا أنه يعكس حرص القيادة على أن تأتي التشريعات منسجمة مع تطلعات الشعب وضمان العدالة