كتبت / سلوى لطفي
ألتقي كل يوم تقريبًا، بأزواج مرتبطين بعلاقات طويلة الأمد يشتكون من افتقادهم لأيام الجنس الرائع في بدايات علاقتهم، حين لم يكن بإمكانهم التوقّف عن لمس بعضهم، وكان الجنس جديدًا ومثيرًا وجريئًا.
يسألونني ويطرحون السؤال على أنفسهم: “ماذا حدث؟ كيف يمكننا استعادة ذلك الجنس الرائع مجددًا؟”.
بالنسبة للبعض، يصبح البحث عن “الجنس الرائع” سببًا للخيانة، أو تحويل الزواج إلى علاقة مفتوحة أو حتى الطلاق. لكن قبل اتخاذ أي خطوات جذرية في هذا الاتجاه، أنصح دومًا الأزواج بإعادة تقييم “توقعاتهم الجنسية”، والتركيز على تحقيق “جنس جيد بما يكفي” عوض السعي وراء الكمال.
ابتكر هذا المصطلح أساسًا، أخصائيا العلاج الجنسي مايكل ميتز وباري مكارثي، لأنّه يُشجّع الأزواج على السعي لتحقيق معنى إيجابي وواقعي في حياتهم الحميمة. بمعنى آخر، لأنك لا تستطيع العودة إلى أيام الإثارة والشغف في بداية العلاقة، فهذا لا يعني أنك لا تستطيع أن تعيش حياة جنسية جديدة وجيدة جدًا.. ربما أفضل، من النسخة الأولى.
ويقول زميلي الدكتور جاستين ليهميلر، الباحث الأول بمعهد كينزي في جامعة إنديانا: “غالبًا ما يُساء فهم مفهوم ‘الجنس الجيد بما فيه الكفاية’ ويصنف على أنّه مجرد ‘الرضا بالقليل’ أو أنّ الجنس يكون متوسطًا أو عاديًا. لكن الجنس الجيد بما فيه الكفاية ممتع ومرضي، من دون التوقّع أو المطالبة بأن يكون مثاليًا في كل مرة، لأنّ الجنس نادرًا ما يكون مثاليًا.. لذا هو طريقة للتعامل مع الجنس بتصوّرات واقعية”.
الحياة الزوجية مليئة بالضغوط، لذلك لا ينبغي أن يتحوّل الجنس إلى مصدر توتّر إضافي. وتشير المعالجة الجنسية المقيمة في نيويورك، ريبيكا سوكول، إلى أنّ لدى البعض غالبًا فكرة خاطئة عمّا يجعل الجنس جيدًا أو “رائعًا”. فعوض الانخراط في التجربة الجنسية الحقيقية والاستمتاع بما هو متاح وملموس، يسعى كثيرون إلى تحقيق صورة مثالية أو خيالية للجنس، استمدوها من ثقافة الأفلام أو الإباحية.
وتؤكد سوكول أن هذا السعي المستمر نحو الكمال الجنسي قد يعيق المتعة الحقيقية، مضيفة أنّ “كثيرًا منا بحاجة إلى ’تفكيك‘ ما ترسّخ في أذهانهم من تصوّرات غير واقعية بشأن الجنس، وتعلُّم كيفية تقبّل الواقع، والاستمتاع بشكل العلاقة الجنسية كما هي فعليًا، لا كما يُصوَّر لنا”.
جدولة العلاقة الجنسية
قالت الدكتورة راشيل نيدل، المشاركة في إدارة معاهد العلاج الجنسي الحديث بفلوريدا: “تمامًا كما نخطط لما نرغب بالقيام به، يساعد تخصيص وقت للحميمية في جدولك على منعها من أن تسقط إلى أسفل قائمة مهامك. كما أن التوقّع يمكن أن يعزّز الحماسة”.
وأوضحت نيدل أنه من المهم القيام بأفعال “عاطفية صغيرة”، مثل إمساك الأيدي، أو الاطمئنان على الآخر، أو تبادل النوادر المثيرة للضحك، لأنها تغذي الصلة العامة التي تحفز الرغبة الجنسية. واقترحت تشجيع الحميمية والاسترخاء خلال اللقاءات المجدولة من خلال ترتيب غرفة النوم، وإشعال شمعة، وتشغيل موسيقى هادئة، والتحقق من مشاعرك الداخلية.
تواصل ممتاز لجنس “جيّد بما فيه الكفاية”
التواصل مع الشريك هو الأساس قبل وبعد العلاقة الجنسية، ليس فقط أثناء اللحظات الحميمة.
وقال ليهميلر: “تحدثا مسبقًا عن رغباتكما واحتياجاتكما، وتواصلا أثناء العلاقة حول ما يشعركما بالمتعة وما لا يناسبكما، ثم تحدثا بعد ذلك عما استمتعتما به وما ترغبان بتكراره في المرة التالية”.
كما نصحت الدكتورة سارا ناصر زاده، اختصاصية علم النفس المقيمة في لوس أنجلوس، بوضع لمسة ممتعة خلال تناول موضوع الجنس من خلال إنشاء “قوائم وقت الإثارة”، وإضافة أي شيء إليها يمكن أن يحقق لكما الإشباع والمتعة. بعد ذلك، يمكنكما اختيار ما يناسبكما من القائمة، مع العلم أنه بغض النظر عما تقررانه، ستخرجان من التجربة وأنتما تشعران بالرضا.
الجنس “الجيّد بما فيه الكفاية” يشمل العقل أيضًا
إنها حقيقة: الدماغ هو بالفعل أكبر عضو جنسي لدينا، والملاطفة تبدأ في العقل. يمكنك مشاركة خيال جنسي مع شريكك، أو قراءة أدب إيروتيكي للآخر، أو مشاهدة أفلام إباحية معًا.
وأوضحت سوكول: “الأزواج الذين يمارسون الجنس الجيّد بما فيه الكفاية يستخدمون خيالهم للتخيل الجنسي ويحافظون على نظرة مثيرة أثناء العلاقة. إنهم يتعلمون كيف يجعلون اللحظة، والشريك، وأنفسهم محط إثارة، حتى يتمكنوا من الانتقال إلى حالة من الإثارة الجنسية”.
الجنس “الجيّد بما فيه الكفاية” يتحسّن مع العمر
قال ليهميلر: “أكبر شكوى يعبّر عنها كبار السن بشأن حياتهم الجنسية تتمثل بأن ‘الطرق القديمة لم تعد تنفع’.” ما يُعتبر ممتعًا وممكنًا يتغير بمرور الوقت، لكن هذا لا يعني أن الجنس يجب أن يفقد جودته. ولا يعني أنك مضطر إلى القبول بأقل مما تستحق.
عوض الاستمرار في التعامل مع الجنس كما كنت تفعل في شبابك، ابدأ بتكييفه مع المرحلة التي تعيشها الآن. إذا كنت مبدعًا، ومنفتحًا، ومستعدًا للاستكشاف، يمكن للجنس أن يتحسّن أكثر مع تقدمك بالعمر، خصوصًا إذا كنت تشعر بالراحة مع شريكك. تعرّف على ما يمنحك المتعة، واطلب ما تريده بصراحة.
الجنس “الجيّد بما فيه الكفاية” هو ما تريده أنت أن يكون
عندما تتخلى عن التوقعات المتعلقة بما “يجب” أن يكون عليه الجنس، يمكنك أن تحوّله إلى ما يناسبك ويناسب شريكك تمامًا. فـ”الجنس” لا يجب أن يكون مرادفًا لـ”الجماع”.
بغض النظر عن شكله، الجنس الجيّد بما فيه الكفاية يرتكز على المتعة، لا على الأداء.
وقالت ديلون: “عندما تكون المتعة هي الهدف من العلاقة الجنسية، فإن القلق بشأن الأداء يقل، وتزداد فرص العفوية والمرح”.
وأضافت: “حاول أن تقترب من الحميمية بذهنية: ‘هل أستمتع بهذه اللحظة؟’ عوض التفكير في: ‘كيف هو أدائي؟’ طالما أنكما تستمتعان بالتجربة معًا، فأنتما تمارسان جنسًا جيّدًا بما فيه الكفاية”.