بقلم / رضا اللبان
كان نفسي أكون حاضر… مع سيدنا آدم وسيدنا نوح
مع سيدنا آدم عليه السلام
كان نفسي أكون حاضر من قبل ما يتخلق أول إنسان على الأرض… في اللحظة اللي ربنا جلّ وعلا أعلن فيها للملائكة: {إني جاعل في الأرض خليفة}.
كنت أحب أشوف دهشة الملائكة وسؤالهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}.
ويا سلام لو كنت حاضر الرد الإلهي العظيم: {إني أعلم ما لا تعلمون}… رد يهز القلب، ويؤكد إن علم ربنا محيط بكل شيء.
كان نفسي أكون شاهد لما ربنا خلق سيدنا آدم من طين، ونفخ فيه من روحه، ولما أصبح بشرًا كاملًا قائمًا.
اللحظة الأعظم… أمر السجود: {اسجدوا لآدم} فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين.
كنت أتمنى أشوف عناد إبليس وتعاليه، وأتأمل بداية العداوة اللي هتفضل ممتدة لحد آخر الزمان.
ثم كان نفسي أكون قريب من سيدنا آدم في الجنة، وهو ماشي بين أنهارها وأشجارها، وحواء بجواره، في سعادة وسكينة.
وأشوف لحظة الغواية… إبليس يوسوس، وآدم وحواء يقتربان من الشجرة، ثم يأكلان منها… ويا ليتني كنت حاضر لحظة ندمهما، وهما يقولان بقلب منكسر: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
توبة خالدة علمتنا معنى الرجوع إلى الله مهما أخطأنا.
وكان نفسي أكون حاضر نزولهما إلى الأرض… بداية رحلة البشر، بداية العُمران والاختبار.
أشوف سيدنا آدم وهو يعلم أولاده الزراعة والبناء والكلمة الأولى في الدنيا.
ولمّا جاء مشهد هابيل وقابيل… يا سلام لو كنت حاضر ساعة تقديم القربان: قربان هابيل الطاهر فُقبل، وقربان قابيل المليء بالحقد لم يُقبل.
كنت أتمنى أكون شاهد على أول جريمة قتل في التاريخ، وكيف خان الأخ أخاه…
ثم يجي الغراب يعلّم قابيل كيف يدفن جسد أخيه، في مشهد مؤلم مليان عبرة: أن الطيور سبقت الإنسان في العلم بالدفن.
وكان نفسي أكون حاضر دموع آدم وهو يفقد ابنه، ويحمل هم البشرية من بعده.
لحظة حزينة لكنها مليانة دروس: إن الصراع بين الحق والباطل بدأ من أولاد آدم، وهيفضل لحد يوم القيامة
مع سيدنا نوح عليه السلام
وكان نفسي أكون حاضر مع سيدنا نوح… أول رسول للبشر بعد سيدنا آدم.
كنت أحب أشوف صبره العظيم وهو يدعو قومه بالليل والنهار، بالسر والعلن، قرابة ألف سنة إلا خمسين عامًا، وما آمن معه إلا قليل.
يا ريتني كنت أسمع نبرة صوته وهو يقول: {رب إني دعوت قومي ليلًا ونهارًا فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا}.
وكان نفسي أشوف لحظة ما بدأ يبني السفينة في صحراء جرداء، والناس حوالينه يضحكون ساخرين: “إيه اللي بيعمله ده؟! يبني سفينة وسط البرّ؟”.
وهو ثابت مؤمن بوعد ربه.
ثم ييجي الأمر الإلهي: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور}.
كنت أتمنى أكون حاضر مشهد السفينة وهي تمتلئ بالمؤمنين والأزواج من كل شيء اثنين، ونوّة المطر تنزل من السماء كأنها سيل عظيم، والماء يتفجر من الأرض.
مياه من فوق ومن تحت… حتى غرق الكافرون، وما نجا إلا من ركب السفينة.
ويا ريتني كنت أسمع صرخة سيدنا نوح وهو ينادي ابنه: {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}… لكن الابن أبى وقال: {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء}، وجاء الموج بينهما فكان من المغرقين.
لحظة تمزق قلب الأب وهو يشوف ابنه يغرق أمام عينيه… مشهد يخلّي الحجر يبكي.
ثم يهدأ الطوفان، وتستقر السفينة على جبل الجودي.
كنت أتمنى أكون حاضر نزول سيدنا نوح ومن معه، وهم يبدأون حياة جديدة على الأرض الطاهرة بعد أن تطهرت من الفساد.
مقطع سيدنا آدم بيورينا البداية، ومقطع سيدنا نوح بيورينا أول اختبار للبشرية بعد قرون. مشاهد كلها مليانة عِبر، كلها تقول: “يا ريتني كنت حاضر”.