بقلم دكتورة / أميرة النبراوي
حين عزفت روحي اسمه
منذ أن التقت به… وكأن شيئًا سريًا هزّ كيانها دون أن تعرف ماهو.
هل هو سحر؟ أم نَداهةٌ أخذتها إلى عالمٍ لم تعرفه من قبل؟
كانت تحاول أن تخبئ سعادتها، لكن دفء عينيه وحنانه كانا يكفيان لاحتضان الكون كله.
وفي ذلك اللقاء الأول… قالا كل شيء بلغةٍ لا يجيدها سوى العاشقين: لغة العيون.
كان كلما تواصل معها، يكتب كلمة واحدة فقط: “كلميني”.
لم يكن يطلب أكثر؛ يعرف ظروفها جيدًا، ويخشى أن يسبب لها إزعاجًا.
لكن الغريب… أن تلك الكلمة كانت تخطف قلبها من بين ضلوعها.
تشعر بنبضها يتسارع، وروحها تُسحب منها، ومع ذلك لا تتصل…
وكأن الحنين الذي يولد يومًا بعد يوم يُربكها أكثر مما يسعدها.
لم تعش هذا الإحساس من قبل، ولم يمر عليها بهذا النقاء والدهشة…
رغم نضج العمر، ورغم الليالي الطويلة التي كانت تستعيد فيها ملامحه،
وتجدها محفورة في القلب قبل الذاكرة.
كانت تسأل نفسها:
كيف تسلل هذا الشعور الجميل إلى روحٍ ظنت أنها أُطفئت منذ سنوات؟
وفي غيابٍ طال أكثر مما توقّعت…
وصلتها رسالة منه.
لم تتردد، واتصلت به.
لكنها لم تسمع صوت بشر، بل أعذب سيمفونية عشق بدأت بندائه الخافت:
“حبيبتي…”
كأن نبراته تضمها إلى قلبه قبل أذنيها.
قالت له بخجلٍ يليق بامرأة تتفتح من جديد:
— صوتك يقول إنك رجل الحب… وزمانه.
فردّ عليها:
— هل تشعرين حقًا بما أشعر به؟
أجابته بثقة امرأة نضجت مشاعرها أخيرًا:
— نعم… يكفيني ما بيننا من روحانيات.
أعلم أنك قد لا تصدق أن هناك امرأة تعشق بروحها قبل جسدها.
لكنني تلك المرأة التي حُرمت من الحب طويلًا…
وأدركت الآن كيف تأتي مشاعر القلب حتى لو تأخرت.
لأول مرة منذ سنوات، وجدت أيامها مشرقة.
قلبها الوحيد بدأ يفرض قوانينه،
ظنت أن العمر سيمضي دون أن يعرف نبضًا جديدًا…
إلى أن التقت عيناهما.
منذ تلك اللحظة، لم تسمع غير صوته،
ولم ترَ سواه… حتى مع ندرة اللقاء.
كان يلتمس لها الأعذار دائمًا، وكأن قلبه يفهم خوفها من السعادة.
كيف لقلبٍ لا يسمح لأحد أن يقترب،
أن يأتي رجل واحد… ويتوَّج ملكًا على عرشه؟
كانت كل نظرة منه عشقًا جامحًا،
وكل نبرة صوته حنانًا دافئًا
يحملها إلى أماكن لا يصلها الضوء.
وهناك… في صمتها العميق،
عزفت نبضات قلبها أروع لحن
بنوتات شرقية
لا يسمعها أحد
سواه.
























































