بقلم / راندا بدر
يا سادة .. يا كرام ! مصر التي هزت عروش الطغاة … مصر التي علمت العالمين السياسة و الدبلوماسية … تسحب اليوم إلى حلبة مصارعة مذيعين على شاشات التلفاز ، و كأن الأمر مجرد مباراة بين ” مذيع بلدي ” و “مذيع إسرائيلي ” !
لا يا سادة … ليست هذه مصر
… و ليس هذا طريق العزة !
ما يحدث اليوم هو أقرب إلى ” تطبيع مقنَّع ” يلبس ثوب المواجهة ، فبدلاً من أن ترفض الدولة المشاركة من الأساس في برامج تخلط الحق بالباطل ، و يجلس ممثليها على منصة واحدة مع محتل ، نراها تتفنن في اختيار ” المتحدث الصاخب ” الذي يصرخ :-
” أنا فشخت الإسرائيلي ” !!!
و كأننا في مبارزة شعبية في مقهى بلدي ، و ليس في حرب إعلامية مصيرية ،
هذا النوع من ” المراهقة الإعلامية ” لا يليق بجلال مصر و لا بتاريخها ، إنه يخدش كبرياء الدولة التي قادت المحاور و رفضت المساومات ، و ليس الدولة التي تتفاخر بـ” إهانة ” ضيف في برنامج تلفزيوني !
والغريب أن هذا المسلسل لا يظهر ” قوة ” مصر ، بل على العكس ، يكشف عن ضعف في الرؤية الاستراتيجية ، فبدلاً من أن تكون المواجهة في ميدان السياسة و الدبلوماسية و المقاطعة الشاملة ، نراها تتحول إلى
” صراخ شاشات ” يتباهى به الإعلام الإسرائيلي نفسه كدليل على ” القبول الضمني” بالتطبيع ، حتى لو كان مصحوباً بالشتائم !
إنها لعبة مكشوفة … نرفض التطبيع صراحة ، لكننا نشارك في برامجه ، ثم نعتقد أننا انتصرنا لأن متحدثنا ” شتم أكثر ” ! هذه ليست سياسة.. هذه ” قلة حيلة” تلبس ثوب
” الكاريزما ” !
مصر أكبر من أن تكون ” ضيفاً مفاجأة ” في برامج إسرائيلية على حساب القضية ، مصر التي قادت المقاطعة العربية لإسرائيل لعقود ، لا يمكن أن تقبل بأن يصبح و جودها الإعلامي على شاشاتهم ” مناسبة تلفزيونية ” ينتظرها المشاهدون للمتعة والفضيحة !
كفانا استعراضاً ! كفانا هزلاً في موضع الجد! مصر العروبة … مصر القضية … مصر التاريخ … لا تحتاج إلى من ” يُفشخ ” محاوراً إسرائيلياً على الهواء! بل تحتاج إلى من يقف شامخاًفي المحافل الدولية ويقول :-
لا للاحتلال … لا للتطبيع … لا للمساومة !!!
ولمن يسأل :-
و ما البديل ؟؟؟
البديل هو المقاطعة الشاملة … هو الصمت الإعلامي المهيب.. هو رفض المشاركة في أي منصة تخلط الحق بالباطل … هو أن ترفض الدولة بكل كبرياء أن تكون
” ضيفاً ” في سيرك التطبيع ، حتى لو كان الضيف ” يشتم بقوة ” !
مصر ليست بحاجة إلى ” بطل شاشة ” … بل إلى استراتيجية واضحة تليق بعظمتها ، فهل نعود إلى رشدنا قبل أن يصبح” الفشخ ” على الهواء هو سياسة الدولة الرسمية ؟!
تحيا مصر … كبيرة … عزيزة … أبية !!!
#راندا_بدر_