عاجل

إسبانيا تستنجد بالاتحاد الأوروبي لمواجهة الحرائق
# ” إسرائيل الكبرى ” ….. أحلام و كوابيس
# الإهمال..والحاجة إلى ثورة لبناء الإنسان المصري .
“وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية”.. وفاة الأديب المصري صنع الله إبراهيم
# أم كلثوم “المعجزة الخارقة”
القتلة غير مرحب بهم هنا”.. كيف أصبحت اليونان أسوأ مكان يقصده الإسرائيليون؟
بعد تغريدة محمد صلاح.. “يويفا” يطلق مبادرة إنسانية لمساندة أطفال غزة
الخاتم الماسي يسرق الأضواء.. والمجوهرات الفخمة لا تغيب أبدا عن إطلالات جورجينا رودريغز
رفض جائزة مصرية لأسباب سياسية.. رحيل صنع لله إبراهيم ومسؤولون ينعونه
مشهد كوني يربك العلماء.. “عين سورون” تظهر في أعماق الفضاء
“أطباء السودان”: “الدعم السريع” طردت أكثر من 3 آلاف أسرة من 66 قرية بشمال كردفان ونهبتهم
نتنياهو: أنا في مهمة تاريخية وروحية ومرتبط بشدة برؤية “إسرائيل الكبرى”
بوتين يطلع زعيم كوريا الشمالية على تفاصيل اللقاء المرتقب مع ترامب
ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم
دراسة مفاجئة: القطط تصاب بالخرف تماما كالبشر

# الإهمال..والحاجة إلى ثورة لبناء الإنسان المصري .

بقلم  أ . د / إلهام سيف الدولة حمدان

” بيت المُهمل يُخرب.. قبل بيت الظالم”؛ هكذا لخصت العبقرية المصرية مصير كل من أسند ظهره إلى حائط الإهمال.. ونام طويلاً؛ ليكتشف ـ بعد فوات الأوان ـ أن حضارته وهويته سرقتا منه في وضح النهار خلال غطيطه في غفلته العميقة!
لكنه ظل بنصف جفنه المفتوح صامتًا لا يريد أن يدافع عن تراث حضارته وهويته التي صنعها له أجداده العظماء منذ فجر التاريخ.
فعندما يضرب الإهمال حوائط المناعة في جسد الوطن؛ لابد أن يصيب العطب والتشقق جدران الروح قبل التشقق والشروخ في الجدران الحجرية.
ولا أشير بأصابع الاتهام إلى أحدٍ بعينه؛ فكلنا ـ بشكلٍ مباشر أو غير مباشرـ وضع “لبنة” في حائط الإهمال السميك عبر الأجيال المتعاقبة؛ حتى يكاد أن يصبح سمَة من سمات المصريين المعاصرين ـ إلا من رحم ربي ـ في كل مناحي حياتنا؛ ويأتي في المقدمة ـ للأسف ـ كل من تولى مسئولية ركن من أركان المهمة خاصة الحيوية منها؛ مثل التعليم والاقتصاد والزراعة والصناعة والصحة والتموين والآثار.. والبيئة ( عفوًا وزارة البيئة)؛ لأن المعنى؛ كلفظ يشير ويلخِّص كل معنى التدنِّي والسوء والسوقية، وصار الجميع يعمل بمنطق المسكِّنات المؤقتة للمشكلات الحياتية المحتدمة، تاركًا الأحمال على كتف القادم من بعده، سواء من خشية الفشل أو عملاً بفلسفة “الأنا مالية” التي أصبحت دستورًا للغالبية العظمى من المسئولين في مصرنا المحروسة.
والخطورة تكمن في أن الإهمال سلوك يتجاوز تأثيره صاحبه، ولا يقتصر عليه، فالإنسان المُهمِل هو إنسان “فوضوي” غير مبال، يتأثر محيطه الشخصي بإهماله بقصد أو دون قصد، ففي المنزل دائمًا ما يشكو المتعايشون مع المهمل من تبعات إهماله وفوضوية الجزء الذي يحتله؛ بداية من دولاب متعلقاته الشخصية، وفي العمل يوجد الموظف المهمِل والمدير المهمِل، وبسبب هذه التأثيرات المباشرة وغير المباشرة، فإن سؤالاً لابد أن يتم طرحه بهذا الصدد عن هذا السلوك، وهل هو نتاج الكسل والتقاعس؟، أم أنه يُعد مرضًا نفسيًا يحتاج إلى علاج ؟.
وتعالوا بنا ـ قبل الدخول في التحليل والتنظير قدر الاستطاعة ـ أن نشير إلى الإرهاصات التي كانت السبب في هذه الانحرافات عن قيمنا ومثلنا العليا التي نشأنا عليها؛ وحتى لا نظلم الأجيال الجديدة، ونقوم بتحميلهم كل تبعات ما وصلنا إليه من تقصير في حق أنفسنا، فالبدايات كانت في تمييع وفقدان الهوية والقيم وفقد الانتماء الحقيقي للوطن، ولجوء الشباب إلى اتخاذ الدول الغربية مثلاً أعلى لهم، وذلك لرؤيتهم وتصورهم أنهم أكثر سعادة وتقدمًا، وهذا هو ما أدى إلى حدوث فجوة في المجتمع ؛ وضياع وتلاشي التفكير والثقافة والتقاليد التي تم توارثها عبر الأجيال.
إننا بالفعل نحتاج إلى ثورة لبناء الإنسان المصري من جديد؛ لا ثورات الغضب والاحتجاج والوقفات غير المنطقية على سلالم النقابات والدوائر الحكومية طلبًا للمزيد من حفنات النقود، ثورة بيضاء لإعادة غرس بذور الانتماء والكبرياء الوطني في تربة النفوس التي تكلست بفعل المد الدولاري والنفطي في الجذور، وهذه التربة لن تثمر سوى المزيد من فطريات الشوك والحسك تحت أقدام العابرين على طريق المستقبل، والتي لا تعطي ظلاً ولا فيئًا يستجير فيه كل من يهرب من جحيم الحياة، ثورة تعيد تصحيح المفاهيم الدينية والعقائدية والسياسية؛ بالجدال بالتي هي أحسن، كما دعت إلى ذلك كل الشرائع السماوية والوضعية.
بدأت مقالي وفي ذهني الحديث عن إهمال الآثار وتراثنا العظيم المدفون تحت صخور أرضنا الحبيبة، ولكن شرد بي القلم ليلتقط بعض الجوانب المظلمة في حياتنا؛ فقد كنت دومًا ألاحظ عند زيارة تلاميذ المدارس للمتاحف في بعض الرحلات الداخلية، أن السوَّاح يشاهدون الآثار المصرية والتلاميذ يتفرجون في انبهار على السواح، وكأنهم من كوكب آخر! دون التركيز على عظمة وروعة وأهمية ما يشاهدون من آثار، وكأن المسألة “سد خانة” لعمل الرحلات الداخلية من قبل المشرفين على الأنشطة بالمدارس؛ وتغييب دور الشرح والتبسيط لعقول هؤلاء الصغار عن هذه الحضارات العظيمة التي علمت الإنسانية، وهذا إهمال جسيم في حق هؤلاء الصغار؛ تبدأ منه رحلة الانسلاخ عن الهوية والانتماء الواجبين نحو الوطن، والمفترض والأوجب أن تصاحب هذه الوفود من الطلاب أساتذة على أعلى مستوى من التدريب والفهم العميق؛ لنقل المعلومة الصحيحة إلى أذهان وعقول تلك الشبيبة المتطلعة إلى معرفة جذور حضارة وطنها وقيمته للإنسانية.
لم أبتعد كثيرًا عما بدأت، ولكن المجتمع عبارة عن حلقات في سلسلة طويلة من التصرفات والتوجهات والقناعات والسلوكيات: فالإشارة إلى “طابور” ـ على سلعة ما ـ يحدث به الهرج والمرج والتشابك بالأيدي.. جزء من تكوين المجتمع، كسر إشارة مرور.. إهدار لقيمة القانون والاستهانة بالدولة؛ إلقاء القمامة على قارعة الطريق.. إطاحة بقواعد الحفاظ على الجمال والصحة؛ وهناك العديد من المظاهر التي تعود إلى “الإهمال”.. هذا اللفظ المخيف والمدمر لكل طموحاتنا في الخروج إلى آفاق المستقبل واللحاق بركب الدول التي علمناها وسبقتنا بفراسخ إلى هناك، ونحن ما زلنا نقلد ونلهث خلف القشور مما وصلوا إليه من مظهريات تزيد في اتساع الهوَّة بين حضارتنا، وتبتعد بنا عن الانتماء الحقيقي للوطن.
Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net