كتب / رضا اللبان
غضب يوما هارون الرشيد على أبي نواس فطلب إحضاره إلى ديوانه وأمر بقتله.
فلما حضر ورأى الديوان مكتظا بالعلماء والأعيان وسمع بحكم الرشيد عليه بالقتل ،
قال : يا أمير المؤمنين ، أذلك شهوة بقتلي ؟
قال: لا ، بل باستحقاق ،
فقال أبو نواس: إن الله يحاسب ثم يعفو ، أو يعاقب ، فيم استحققت القتل ؟
قال : بقولك :
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر *** ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر
قال: يا أمير المؤمنين، أعلمت انه سقاني ؟
قال : لا ولكن أظن ذلك .
قال وتقتلني بالظن ، وبعض الظن إثم !!
فقال: ولكنك قلت ايضا ما تستحق به القتل ، وهو قولك في التعطيل :
ما جاءنا أحد يخبر أنه *** في جنة مذ مات أو في نار
قال : أفجاءنا أحد ؟
قال: لا .
قال فتقتلني على الصدق ؟!!
قال: أولست القائل :
يا أحمد المرتجي في كل نائبة *** قم سيدي نعْصِ جبّارَ السمواتِ
قال: يا أمير المؤمنين أوصار القول فعلا ؟
قال: لا اعلم .
قال وتقتلني على ما لا تعلم ؟
قال: دع عنك هذا كله فقد اعترفت في مواضع كثيرة من شعرك بما يوجب القتل ، وذلك كالزنا والفجور .
أولست القائل :
دع المساجد للعبّاد تسكنها
وطف بنا حول خَمَّار لِيُسقينا
ما قال ربُكَ ويلٌ للذين سَكروا
ولكنه قال ويلٌ للمُصلينَا
فقال ابو نواس : قد علم الله هذا من قبل علم أمير المؤمنين ،وأخبر أني أقول مالا افعل .
قال الله تعالى
(( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون ))
فقال الرشيد : دعوه يذهب وشأنه ، قطع الله لسانه .
– قال أبو العتاهية قد قلت عشرين ألف بيت في الزهد ووددت أن لي منها الأبيات الأربعه التي لأبي نواس .
الحكايه تقول :
رآه بعض اصحابه في المنام بعد أيام من موته فقالوا له ما فعل الله بك قال :
غفر لي بأبيات قلتها وهي الآن تحت وسادتي. فنظروا فإذا برقعة تحت وسادته في بيته مكتوب فيها :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة … فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعاً … فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
إن كان لا يرجوك إلا محسن … فبمن يلوذ ويستجير المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا … وجميل عفوك ثم أني مسلم