كتب / رضا اللبان
غضب العز بن عبد السلام عندما فوجيء بوجود حانة تبيع الخمور ، فما كان منه الإ أن خرج إلى الحاكم و كان السلطان (نجم الدين أيوب) ، فوجد الشيخ السلطان و الأمراء يقبلون الأرض بين يديه و حوله يصطف العسكر ، فما كان من الشيخ الجليل الإ أن نادى السلطان بإسمه مجرداً دون ألقاب وبصوت مرتفع و قال : “يا أيوب ”
فإلتفت السلطان ليرى من الذي يناديه بإسمه هكذا مجرداً دون ألقاب ليجد سلطان العلماء يحدثه و يقول : “ما حجتك عند الله عز و جل غداً إن قال لك : ألم ابوئك ملك مصر فأبحت الخمور ؟”
فقال : “أو يحدث هذا في مصر ؟”
قال : “نعم في مكان كذا و كذا حانة يباع فيها الخمر و غيرها من المنكرات و أنت تتقلب في نعمة هذه المملكة ؟”
فقال : “يا سيدي أنا ما فعلت هذا إنما هو من عند أبي”
فهز العز بن عبد السلام رأسه و قال : “إذن أنت من الذين يقولون : ” إنا وجدنا آباءنا على أمة”
فقال : “لا أعوذ بالله و أصدر امراً بإبطالها فوراًو منع بيع الخمور في مصر .”
و لما عاد الشيخ الجليل إلى تلاميذه ، سأله أحدهم : “يا سيدي كيف استطعت أن تقف امام السلطان العظيم و تصرخ به أمام أمراءه و تناديه بإسمه مجردا ؟”
فقال الشيخ : “يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه فتؤذيه .”
فقال التلميذ : “يا سيدي أما خفته ؟”
فابتسم العز بن عبد السلام و قال : “و الله يا بني عندما إستحضرت هيبة الله تعالى صار السلطان أمامي كالقط ”
هكذا كان العز بن عبد السلام ، كان لا يخشى في الحق لومة لائم ،و لما لا فهو بائع الملوك و سلطان العلماء … رحم الله الشيخ الجليل
المصدر
كتاب رجال من التاريخ لعلي الطنطاوي