كتب / رضا اللبان
– مغرب ما قبل الإستعمار ، بلد يفتقد إلى الأمن :
– في مغرب ما قبل الإستعمار و إلى حدود القرن التاسع عشر سادت ظاهرة الاختطاف و الاسترقاق بشكل كبير ، حيث كان الناس لا يامنون على نفسهم أن يتحولوا بين ليلة و ضحاها من أحرار ذوي شأن إلى عبيد محتقرين ، فقد كان المغاربة مهددين في كل وقت بالوقوع في يد النخاسين و اللصوص ، حيث يمكن أن يتم أسر الغافلين منهم في الحالات التالية :
– من ذهب خارج أسوار المدن لغرض التجول دون حماية أو أصدقاء كثر يرافقونه فقد يتعرض للخطف من طرف عصابات تترصد الناس لبيعهم كعبيد ، و يفضل هؤلاء النساء لأن الطلب عليهن في سوق العبيد أكثر من الرجال لغرض الاستمتاع الجنسي…
– كان السفر من مدينة إلى أخرى في تلك العصور يشكل مغامرة قد لا تكتب فيها للمسافر النجاة ، فاذا كنا اليوم نسافر بين المدن بسرعة و دون الخوف من التعرض لقطاع الطرق فإن هؤلاء كانوا يملاون طرق المغرب في العصور الوسطى، و عندما نقول العصور الوسطى فانها تمتد في المغرب إلى حدود دخول المستعمر الفرنسي ، لم يكن باستطاعة الرجل أن يسافر منفردا دون الانخراط في قافلة و إلا تعرض لهجوم قطاع الطرق و سبيت زوجته و تعرض هو نفسه للاستعباد أو القتل….
– في البوادي اذا ابتعدت النساء عن حمى القبيلة لأجل البحث عن المياه أو الحطب فقد يغامرن بالتعرض للخطف…
– لجأ بعض الآباء في حالة المجاعات إلى بيع أبنائهم و زوجاتهم للنخاسين ، بل يمكن أن يبيعوا اهلهم للنصارى و يغيروا دينهم مقابل طعام يسد رمقهم ، و قام بعض الاصدقاء ببيع اصحابهم بعد الاحتيال عليهم و تخديرهم ، و كان بعض الفقراء يصبحون عبيدا باختيارهم فيقدمون نفسهم إلى اقرب دلال لكي يبيعهم في السوق حتى يجدوا سيدا يطعمهم…
– كان المغاربة ذوي البشرة السوداء أكثر الناس تعرضا للخطف ، ذلك أنهم يشبهون العبيد القادمين من إفريقيا فلا يمكن للمخزن أن يفطن لاختطافهم حتى لو احتجوا على ذلك و لا يوجد من ينتصر لهم لعدم وجود عصبية لهم أو قبيلة تحميهم عكس المغاربة العرب و البربر المنضوين تحت لواء قبائلهم ، و لهذا فإن كثيرا من السود الأحرار كانوا يتحولون بسهولةإلى عبيد
– شكل العبيد الأفارقة الآبقون خطرا على الناس في كثير من الأحيان ، فهؤلاء الهاربون من أسيادهم عندما لا يجدون ما يسدون به رمقهم يتجولون بين الأحياء آملين في إيجاد طفل تائه أو غافل حتى يختطفوه و يبيعونه كعبد ، و في الغالب فإن العصابات التي كانت تعمل على اختطاف الأحرار كانت تبيعهم في مدن آخرى بعيدة عن مدنهم الأصلية حتى لا يتعرف عليهم أهلهم…
– لم تكن عمليات الاختطاف تتم خارج أسوار المدن فقط بل داخلها أيضا، فبعض القواد الجشعين كانوا يتآمرون مع بعض المليشيات التي تعمل لصالحهم من أجل اختطاف الناس و بيعهم ، فيضمن القائد نسبة من الأرباح لقاء تغطيته لمثل هذه الأعمال…
– لم يكن الأهل يستطيعون في جميع الحالات استرجاع أبنائهم المختطفين، فاذا كان أهل المختطف من الأسر النافدة فإن إستعادة المخطوف يصبح أمرا ممكنا ، أما اذا كان أهل المختطف من الأسر المعوزة المغمورة فإنه قد يصعب عليهم استرجاع المختطف خاصة و أن الذي اشتراه قد يكون من رجال السلطة ذوي النفوذ، و لم يكن المخزن (يقصد به السلطة المغربية) يبسط نفوذه الكامل على كل التراب المغربي ، ذلك أن كثيرا من هذه الأحداث كانت تجري في أراض تابعة للسلطان بشكل إسمي لكن القائد المحلي هو بمثابة السلطان الحقيقي ، حيث يمكنه التصرف في أرواح الناس كيفما شاء ، فقد يختطف بعضهم و يطالب أهاليهم بفدية خاصة اذا كانوا من التجار الأثرياء و السلطان لا خبر له عما يجري في مملكته من المظالم!!!
– المصدر : كتاب الرق في المغرب لصاحبه محمد الناجي