كتب / رضا اللبان
كَانَ السُّجَنَاءُ رِجَالاً وَنِسَاءً، تَتَرَاوَحُ أَعْمَارُهُمْ مَا بَيْنَ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ وَالسَّبْعِينَ. وَقَدْ اِسْتَطَعْنَا إِنْقَاذَ عَدَدٍ مِنَ السُّجَنَاءِ الأَحْيَاءِ، وَتَحْطِيمِ أَغْلاَلِهِمْ، وَهُمْ فِي الرَّمَقِ الأَخِيرِ مِنَ الحَيَاةِ.
كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ أَصَابَهُ الجُنُونُ مِنْ كَثْرَةِ مَا صَبُّوا عَلَيْهِ مِنْ عَذَابٍ، وَكَانَ السُّجَنَاءُ جَمِيعًا عَرَايَا، حَتَّى اضْطُرَّ جُنُودُنَا إِلَى أَنْ يَخْلِعُوا أَرْدِيَتَهُمْ وَيَسْتُرُوا بِهَا بَعْضَ السُّجَنَاءِ.
أَخْرَجْنَا السُّجَنَاءَ إِلَى النُّورِ تَدْرِيجِيًّا حَتَّى لاَ تَذْهَبَ أَبْصَارُهُمْ، كَانُوا يَبْكُونَ فَرَحًا، وَهُمْ يُقَبِّلُونَ أَيْدِي الجُنُودِ وَأَرْجُلَهُمْ الذِينَ أَنْقَذُوهُمْ مِنَ العَذَابِ الرَّهِيبِ، وَأَعَادُوهُمْ إِلَى الحَيَاةِ، كَانَ مَشْهَدًا يُبْكِي الصُّخُورَ.
ثُمَّ اِنْتَقَلْنَا إِلَى غُرَفٍ أُخْرَى، فَرَأَيْنَا فِيهَا مَا تَقْشَعِرُّ لِهَوْلِهِ الأَبْدَانُ، عَثَرْنَا عَلَى آلاَتٍ رَهِيبَةٍ لِلْتَّعْذِيبِ، مِنْهَا آلاَتٌ لِتَكْسِيرِ العِظَامِ، وَسَحْقِ الجِسْمِ البَشَرِيِّ، كَانُوا يَبْدَأُونَ بِسَحْقِ عِظَامِ الأَرْجُلِ، ثُمَّ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالرَّأْسِ وَاليَدَيْنِ تَدْرِيجِيًّا، حَتَّى يُهَشَّمَ الجِسْمُ كُلَّهُ، وَيَخْرُجَ مِنَ
الجَانِبِ الآخَرِ كُتْلَةٌ مِنَ العِظَامِ المَسْحُوقَةِ، وَالدِّمَاءِ المَمْزُوجَةِ بِاللَّحْمِ المَفْرُومِ، هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالسُّجَنَاءِ الأَبْرِيَاءِ المَسَاكِينِ.
ثُمَّ عَثَرْنَا عَلَى صُنْدُوقٍ فِي حَجْمِ جِسْمِ رَأْسِ الإِنْسَانِ تَمَامًا، يُوضَعُ فِيهِ رَأْسُ الذِي يُرِيدُونَ تَعْذِيبَهُ بَعْدَ أَنْ يَرْبِطُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالسَّلاَسِلِ وَالأَغْلاَلِ حَتَّى لاَ يَسْتَطِيعَ الحَرَكَةَ، وَفِي أَعْلَى الصُّنْدُوقِ ثُقْبٌ تَتَقَاطَرُ مِنْهُ نُقَطَ المَاءِ البَارِدِ عَلَى رَأْسِ المِسْكِينِ بِانْتِظَامٍ، فِي كُلِّ دَقِيقَةٍ نُقْطَةٌ، وَقَدْ جُنَّ الكَثِيرُونَ مِنْ هَذَا اللَّوْنِ مِنَ العَذَابِ، وَيَبْقَى المُعَذَّبُ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَتَّى يَمُوتَ.
وَآلَةٌ أُخْرَى لِلْتَّعْذِيبِ عَلَى شَكْلِ تَابُوتٍ تُثَبَّتُ فِيهِ سَكَاكِينُ حَادَّةٍ.
كَانُوا يُلْقُونَ الشَّابَّ المُعَذَّبَ فِي هَذَا التَّابُوتِ، ثُمَّ يُطْبِقُونَ بَابَهُ بِسَكَاكِينِهِ وَخَنَاجِرِهِ. فَإِذَا أُغْلِقَ مُزِّقَ جِسْمُ المُعَذَّبِ المِسْكِينِ، وَقَطَّعَهُ إِرَبًا إِرَبًا.
كَمَا عَثَرْنَا عَلَى آلاَتٍ كاَلكَلاَلِيبِ تُغْرَزُ فِي لِسَانِ المُعَذَّبِ ثُمَّ تُشَدُّ لِيَخْرُجَ اللِّسَانُ مَعَهَا، لِيُقَصَّ قِطْعَةً قِطْعَةً، وَكَلاَلِيبَ تُغْرَسُ فِي أَثًدَاءِ النِّسَاءِ وَتُسْحَبَ بِعُنْفٍ حَتَّى تَتَقَطَّعَ الأَثْدَاءُ أَوْ تُبْتَرَ بِالسَّكَاكِينِ.
وَعَثَرْنَا عَلَى سِيَاطٍ مِنَ الحَدِيدِ الشَّائِكِ يُضْرَبُ بِهَا المُعَذَّبُونَ وَهُمْ عُرَاةٌ حَتَّى تَتَفَتَّتُ عِظَامُهُمْ، وَتَتَنَاثَرُ لُحُومُهُمْ» .
هذا العذاب كان مُوَجَّهًا ضد الطوائف المخالفة من المسيحيين فماذا كانوا يفعلون بالمسلمين؟؟ … أشد وأنكى لا شك.